Saturday 13 March 2010

مشهد عام للاراضي الزراعية المحيطة بمكان إقامة سد اليمونةمشهد عام للاراضي الزراعية المحيطة بمكان إقامة سد اليمونةلم تفرج الهيئة العليا للإغاثة عن تعويضات استملاك الأراضي الخاصة لمشروع سد اليمونة، بذريعة أن الأرض التي يشغلها أهل اليمونة هي ملك للدولة فيما يؤكد الأهالي أنهم شغلوها منذ 1936

البقاع ــ رامح حمية
«رح نموت وما رح نشوف سد بحيرة اليمونة»، بهذه العبارة تختصر عيدي شريف ابنة السبعة والسبعين عاماً مماطلة الحكومة في تنفيذ المشروع الذي ينتظره غالبية أهالي غرب بعلبك، فيما لا تخفي أم علي استياءها العارم من الفارق في التعويضات التي وافقت عليها وتعتزم دفعها الهيئة العليا للإغاثة وبين قيمة التعويضات التي وافق عليها أهل اليمونة.
وهذا التأخّر في دفع التعويضات، ينعكس على منطقة اليمونة مرتين، الأولى في تأخر إنجاز سد اليمونة الذي يبعد الأعباء الزراعية الناتجة من الصقيع وسوء تصريف وغياب حماية الإنتاج ويحل بدلاً منه تنمية سياحية واعدة ويخلّصهم من معاناة انقطاع المياه، والثانية في تحكم الهيئة العليا للإغاثة في قيمة التعويضات خلافاً لتخمين وزارة الطاقة الذي وافق عليه أهل البلدة.
وبحسب دراسة المشروع التي أجرتها وزارة الطاقة، فهو يقع على 600 ألف متر مربع وتقدّر سعته بحوالى 3 مليون ونصف مليون متر مكعب كمرحلة أولى، ليستتبع بمرحلة ثانية تضيف إليه 3 ملايين ونصف مليون متر مكعب، فيؤمّن حينها المياه بواسطة الجاذبية لأكثر من 100 ألف نسمة موزعين على 42 قرية بدءاً من الكنيسة ودير الأحمر شمالاً وحتى أبلح جنوباً، ويؤمّن تغطية عمليات الري لتصل إلى ثلاثة أضعاف المساحة المرويّة حالياً.
وقد مرّ سدّ اليمونة بمراحل عدة إذ كانت مياه اليمونة تستقر في بركة كبيرة في أيام الانتداب وكان يمثّل مصدر رزق للأهالي عبر صيد الأسماك لكن الفرنسيين استجرروا المياه عبر نفق من البركة إلى قرى غرب بعلبك، ولم تنفع حينها اعتراضات الأهالي لتعويضهم عن الثروة السمكية، ووُعدوا بإجراء مسح للأراضي التي تجف منها المياه وتسجيلها لمن يستصلحها ويشغلها.
وقد بدأت المرحلة الأخيرة، فعلياً، بعد جفاف مياه البركة، إذ بوشرت عملية استصلاح الأرض وبات من يزرع قطعة أرض تصبح له، وصولاً لعام 1936 حيث جرى مسح 2 في المئة منها أي حوالى 100 دونم فقط وتسجيلها، فيما بقيت أراضي آل شريف ملك الدولة!
لكن مشروع إنشاء سد بقي، بعد عهود، أسير الدراسات المتلاحقة، الى أن أقرّ إنشاؤه في عام 2003، ضمن خطة لبناء سدود في لبنان أبرزها «سد شبروح» الذي أنجز في العام الماضي، فيما بقي اليمونة رهينة عوائق الحكومة السابقة لجهة التأخر في دفع التعويضات.
وقصة المماطلة بدأت بعد صدور مرسوم الإنشاء، حيث شُرع بمسح الأراضي التي سيقام السد عليها، فقدّرت بحوالى 600 ألف متر مربع، وأُحصيت الأراضي والأشجار المثمرة، وجرى تخمينها من جانب الجيش بطريقة مغايرة لتلك التي حصلت في «شبروح» حيث قدّرت الشجرة بحوالى 400 ألف ليرة فيما صنّفت أشجار اليمونة بثلاثة أنواع: صغيرة بقيمة 100 ألف ليرة، متوسطة بقيمة 200 ألف، وكبيرة بقيمة 300 ألف، وبمتوسط 200 ألف ليرة. أما سعر متر الأرض، ففي شبروح كان 4 آلاف ليرة وفي اليمونة بلغ سعر المتر غير المسجل ألف ليرة والمسجل بحوالى 7500 ليرة.
يشرح رئيس بلدية اليمونة طلال شريف أنه جرى الاتفاق والقبول بالتخمين الذي وضعته وزارة الطاقة بقيمة 300 ألف للأشجار فيما بقي متر الأرض بألف ليرة، وأشارت الحكومة إلى ضرورة صدور مرسوم بتدوير الأموال من الوزارة إلى الهيئة العليا للإغاثة، وبحسب شريف، فقد ردت الهيئة، بعدما تسلمت أموال التعويضات، على وزارة الطاقة بأنها ستدفع تعويضاً عن الأشجار فقط من دون المنشآت والأراضي بذريعة أن الأراضي غير مسجلة وهي ملك الدولة، وبالتالي سيخسر عدد من العائلات منازلهم من دون أي تعويض، علماً أن المبلغ المصروف لا يتجاوز 600 مليون ليرة فقط من مجمل المبلغ المخصص للتعويضات.
وقد حاولت الهيئة أن تنسف تخمين وزارة الطاقة، بالاتفاق مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لوضع اليد على مجمل المبلغ الخاص بالتعويضات، ويستغرب شريف «لماذا دُفع تعويض لأراضي المطران في اليمونة نفسها بسعر 5 دولارات للمتر الواحد؟».
أهالي اليمونة تلقفوا الجانب الإيجابي للموضوع، فرأى رياض شريف (74 عاماً) أن التعويضات العادلة «ستمكّننا من استصلاح أرضنا خارج نطاق السد»، علماً بأن هذا البستان يمثّل مصدر رزقه الوحيد، ولكنه يرى أن المشروع يوقف هدر المياه ويؤمّن مياه الشفة والري للقرى.
وتساءل أبو علي عمّا يقال عن ملكية الأراضي للدولة، إذ إنهم يشغلونها منذ عام 1936 وحيثيتها أنها «تعويض لنا عن الثروة السمكية المميزة التي كنا نسترزق منها»، من جهته، أوضح زيد شريف وجود 8 آلاف شجرة في اليمونة وكل واحدة تعطي بين 10 كيلوغرامات و15 كيلوغراماً من التفاح، أي ما يوازي 2.4 مليار ليرة سنوياً، فيما التعويضات التي تماطل بها الدولة قيمتها 2.625 ملياراً.
وأمام أزمة المياه التي تطيح أبناء قرى وبلدات غرب بعلبك منذ بدء فصل الصيف، وبداية عهد سياسي جديد وحكومة وحدة وطنية يبقى السؤال: «متى سيُفرَج عن تعويضات أهل اليمونة من جانب الهيئة العليا للإغاثة والبدء بتنفيذ السد؟».


No comments:

Post a Comment